نساء لجادسين: عزلة لمرة واحدة في كل شهر

قالت "كلا، لن أرسل بناتي لممارسة الجبادي"، منى ديفي سعود البالغة من العمر 22 عاماً عندما وقفت خارج منزلها في تلال قرية لجادسين -...

قالت "كلا، لن أرسل بناتي لممارسة الجبادي"، منى ديفي سعود البالغة من العمر 22 عاماً عندما وقفت خارج منزلها في تلال قرية لجادسين - واحدة من العديد من المواطنات الصغيرات في منطقة نائية من آشام أقصى غرب نيبال.


في مناطق معزولة مثل تلك، الجبادي كان تقليداً لعدة قرون. لكن هؤلاء الذين من مدن نيبال أو من الخارج في كثير من الأحيان لا يعرفون ما الذي تعنيه.

الجبادي هو ممارسة تعتبر النساء نجس ولا يجوز لمسهن عندما يحضن. فترة الدورة الشهرية، لا يسمح لهن بدخول المنزل أو المرور عبر المعبد. و لا يمكنهم استخدام مصادر المياه العامة، لمس الماشية، وحضور المناسبات الإجتماعية مثل حفلات الزفاف، أو لمس الآخرين. عندما يتم تقديم الطعام لهن فإن الشخص الذي يعطيهن حتى الطبق لن يلمسه. أما في الليل، لا يسمح لهن بالنوم في منازلهن - بدلاً من ذلك يجب عليهن البقاء في السقائف أو المباني الملحقة، غالياً لا نوافذ أو أبواب ملائمة.


هذه الممارسة هي نفسها سواءً كان ذلك في 8 مارس أو في أي وقت آخر من العام. أعتقد أن الكثير من النساء من قرية لجادسين والمواطنات الأخريات في المناطق النائية غرب نيبال لا يعرفن حتى أن اليوم العالمي للمرأة موجوداً.

كل ما بعرفنه من مفاهيم الأسرة والثقافة والمجتمع وخشية الإله، يمنعهن من اتخاذ موقف وكسر التقليد، ورغم أنهم لا يحبون الجبادي. إلا أنهن قبلن بممارسته ويعتبرونه جزءاً من حياتهن.


لما كنت أعمل على هذه القصة، التقيت بالعديد من النساء اللائي تأثرن بسبب هذا التقليد. احداهن تبلغ من العمر 45 عاماً جامونا ديفي سعود، التي تعيش وحيدة بمنزل في قرية لجادسين وتعزل نفسها كل شهر. قالت لي انها سوف تكون سعيدة لو لم يجب عليها البقاء في سقيفة عندما تحيض، ولكن الجبادي جزء من ثقافة القرية وعليها الإلتزام بذلك.


تقول جامونا أن كل واحدة في القرية لو توقفت عن التقيد بالعرف، هي ستفعل أيضاً. معظم النساء الأخريات في القرية قلن لي نفس الشيء.



الجبادي يسبب كل أنواع المشاكل بالنسبة لأولئك اللائي يمارسنه. قالت لي اوتارا سعود، وهي فتاة خجولة تبلغ من العمر 14 عاماً، يجب عليها أن تغيب عن المدرسة أثناء الدورة الشهرية. قالت لي دونا ديفي سعود أنها تجد صعوبة في النوم في السقيفة خارجاً لأنه يصبح بارداً جداً. الغرفة التي تنام فيها أثناء فترة الدورة الشهرية ليست كبيرة بما يكفي لتتسع سريراً، لا توجد فيه نوافذ، فقط باب صغير. وهناك حيوانات برية تعيش في التلال المحيطة، والسقيفة لا توفر الحماية الكافية.


ولكن ليس الجميع يتقيد بالتقاليد. التقيت روبا تشاند شاه، وهي مدرسة ملتزمة بالعرف لكنها قررت التوقف. أحد الأمور التي ندمت عليها في حياتها أنها لم تتمكن من حضور حفل زفاف شقيقها الأصغر لأنها كانت حائضاً. أما الآن، روبا لا تفوت المدرسة خلال فترة الدورة الشهرية وأنها أصبحت قدوة لبعض الأخريات في القرية - طالباتها يأتين إلى المدرسة، حتى أثناء دورتهن.


عملت على هذه القصة، وأنا أدرك أن الجبادي لا يؤدي فقط إلى المشقة والعزلة للنساء اللائي يمارسنه - في بعض الأحيان يفقدن حياتهن. عزلة وحماية سيئة من العوامل المحيطة، قد يتعرضن للقتل بلدغات الثعابين،  تجمد الطقس، هجمات الحيوانات البرية، أو النيران التي يشعلنها للتدفئة، والتي يمكن أن تسبب الحرائق أو الاختناق في سقائف صغيرة سيئة التهوية. وهناك أيضاً حالات من هؤلاء النساء انعزلوا عن أسرهم، أصبحوا ضحايا الإغتصاب.

وفقاً لجوبي سينغ نيبالية - موظفة برنامج لدى مركز النساء و الأطفال الحكومي - في منطقة آشام وحدها قد تم الإبلاغ عن سبع نساء ماتوا بالرصاص أثناء ممارسة التقليد. وقال انه قد سقط المزيد من الضحايا لم يتم توثيقها.

تعمل جوبي في مكتب حكومي لتثقيف النساء حول الصحة الإنجابية - بما في ذلك مخاطر الجبادي. ومقرها في قرية بيلباتا، غير بعيدة عن لجادسين، تقول أنه 50 في المئة شهدت تحسناً تلك المناطق المحلية حيث تقع مؤسسات حكومية، ولكن في القرى الخالية من الوجود الرسمي ما زال الجميع ملتزم بهذه الممارسة. هذا على الرغم من حقيقة أن المحكمة العليا في نيبال أعلنت أن الجبادي مخالف للقانون في العام 2005.

سانو بول، قالت لي أن ابنت عمها سرمايلا بول فقدت حياتها قبل عام عند ممارسة الجبادي. وبناء على طلبي، اصطحبتني سانو إلى قرية رِدكوت وأرتني السقيفة حيث توفيت ابنت عمها. تم هجر السقيفة بعد وفاتها ولم يتم استخدامها مرة أخرى.

أثناء وجودي في القرية، التقيت ياكرج والد سارميلا، والدتها إشوارا، وجدتها موتي. سألتهم عن سارميلا وقالوا انها كانت فتاة سليمة، وكانت جيدة جداً في دراستها، وغير معتادة على الخوف. أروني ألبوم صور سارميلا. توفيت عندما كان عمرها 15 فقط.


ياكرج، رب الأسرة، يقول سبب وفاة سارميلا مازال مجهولاً. وقال إن اليوم الذي عثر فيه على سارميلا ميتة داخل سقيفتها، قد ناداها فلم ترد. مضطرباً، ركل الباب لكسره فوجد ابنته ممدة كما لو كانت نائمة، ومغطاة ببطانية. أراني ياكرج كيف كانت ممدة. ثم قال انه لمسها وقد كانت باردة. أدرك أنها ميتة.


يقول ياكرج لم يتم تشريح الجثة بسبب عدم وجود الأطباء في القرية من أجل فحص جثة سارميلا، كان يجب أخذها إلى دوتي، وهي مدينة قريبة، وهو ما يكلفه 15,000 روبية نيبالية (حوالي 150 دولار) - المال الذي لا يمتلكه.

ياكرج لديه سبع بنات ولكن منذ وفاة سارميلا لا أحد منهن تمارس الجبادي، ولا زوجته.

لما كنت أتحدث مع عائلة سارميلا، جدتها موتي بدأت في البكاء قائلةً، " كنت أحبها كثيرا لكنها تركتنا وعلمتنا درساً بأن 'الجبادي' ليست ممارسة جيدة".

مواضيع ذات صلة

مجتمع 2082842512120221233

إرسال تعليق

emo-but-icon

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

item